الجمعة، 25 يونيو 2010

بازل II ...والقطاع المصرفي اليمني

قبل الحديث عن تطبيق اتفاقية بازل II في القطاع المصرفي اليمني سوف أبداء أولاً بالتعريف عن اتفاقية بازل II.

في عام 1975 قام محافظو البنوك المركزية لمجموعة الدول العشر العظمى بتشكيل "لجنة بازل للرقابة المصرفية"، وذلك تحت رعاية بنك التسويات الدولية. وقد تكونت هذه اللجنة من ممثلي هيئات الرقابة المصرفية والبنوك المركزية في كل من بلجيكا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان ولوكسمبورج وهولندا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أرست اللجنة عددًا من المبادئ تمثل العناصر الأساسية التي تقوم عليها نظم الرقابة المصرفية الفعالة في العالم.

وتغطى هذه المبادئ بصورة شاملة الشروط اللازمة لزيادة كفاءة الرقابة المصرفية، فضلاً عن شروط منح التراخيص، وقواعد ومتطلبات الرقابة الحذرة، وسبل تطوير الرقابة المصرفية، ومعايير الإفصاح، وتحديد السلطات الرسمية للمراقبين، وشروط ضمان سلامة النظام المصرفي العالمي.

وفى عام 1988 أقرت لجنة بازل معيارها الموحد بشأن متطلبات كفاية رأس المال، والذي عرف باسم "اتفاقية بازل لعام 1988 " كما اشتهرت باتفاقية بازل I. وقد استهدفت هذه الاتفاقية وضع معايير دولية موحدة للرقابة الحذرة على متطلبات كفاية رأس المال الواجب توافرها بالبنوك لمواجهة كل من مخاطر الائتمان، ومخاطر السوق. وفى عام 1992 بدأ العمل بالاتفاقية داخل مجموعة الدول العشر العظمى، باستثناء اليابان التي منحت فترة انتقالية أطول.

ولم يقتصر الهدف من هذه الاتفاقية على دعم النظام المصرفي العالمي فحسب، بل إنها سعت أيضًا إلى تحقيق التقارب بين معايير كفاية رأس المال المطبقة في الدول المختلفة، و إزالة الفوارق في القدرة التنافسية بين البنوك الناتجة عن اختلاف هذا المعيار . وتتمثل العناصر الأساسية للاتفاقية في وضع معايير موحدة لتقييم رأس المال والأصول البنكية، وفقًا لمخاطر الائتمان (بما فيها المخاطر الخاصة بالبنود خارج الميزانية )، ووضع حد أدنى 8% لنسبة رأس المال إلى الأصول المرجحة بأوزان مخاطرها. وفي عام 1996 تم إدخال بعض التعديلات على المعايير التي نصت عليها الاتفاقية، وبدأ العمل بها في عام 1998وقد كان من المخطط في البداية أن يتم تطبيق اتفاقية بازل I على البنوك ذات النشاط الدولي في الدول الأعضاء، إلا أنه بحلول عام 1999 اتسع نطاقها فأصبحت تشكل ركنًا أساسيًا في النظم الرقابية على البنوك المحلية في أكثر من مائة دولة، ومنها اليمن.

وتعد كفاية رأس المال واحدة من أهم عناصر نظم الرقابة المصرفية، ذلك لأن احتفاظ البنك بنسبة كبيرة من أصوله في صورة رأس مال يعتبر مؤشرًا على حرصه على القيام بالأنشطة الأقل مخاطر، وتجنبه الإقراض غير الرشيد. وقد تقدمت اللجنة في يونيو 1999 بالمقترح الجديد الذي عرف باسم "اتفاقية بازل II"، لتحل بذلك محل اتفاقية بازل I . وقد تم تنفيذ الاتفاقية الجديدة في الدول الأعضاء في نهاية عام 2006.

وتسير عملية تطوير الإطار الجديد لكفاية رأس المال في اتجاهين أساسيين، وهما:-

1- تطوير القوانين واللوائح، ليس فيما يتعلق بمتطلبات الحد الأدنى لرأس المال فحسب، ولكن مع الأخذ في الاعتبار عمليات المراجعة الرقابية وأنظمة ضبط وتنظيم السوق أيضًا.

2- العمل على زيادة ارتباط معايير كفاية رأس المال بالمخاطر التي تواجه البنوك.

ويولى هذا الإطار الجديد أهمية خاصة لعملية إدارة المخاطر، وتطوير قدرات البنوك على تقييمها. ويتم ذلك من خلال التوافق بين متطلبات كفاية رأس المال والنظم الحديثة لإدارة المخاطر، والالتزام بالإفصاح.

وتقوم الاتفاقية الجديدة على ثلاث ركائز أساسية، تهدف إلى زيادة قوة وسلامة النظام المالي، وهي:

1- الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال.

2- المراجعة الرقابية لكفاية رأس المال.

3- ضبط وتنظيم الأسواق.

والمتتبع للقطاع المصرفي اليمني يلاحظ بأن هذا القطاع قد حقق نجاح كبير في تطبيق متطلبات بازل I ، كما يسعى لتطبيق متطلبات بازل II، باعتبارها إستراتيجية لإصلاح القطاع المصرفي، فقد وصلت نسبة الملاءة المصرفية الفعلية التي حققتها معظم البنوك اليمنية تتجاوز بكثير المعدلات المطلوبة دولياً وفق معايير بازل I بحد أدنى ٨% حيث وصلت متوسط نسبة كفاية رأس المال إلى 12% في نهاية عام 2006م، والجدير بالذكر بأن بعض البنوك وصلت إلى ما يزيد عن 15%، مع ذلك فإن المتابع يرى بأن البنك المركزي اليمني ظل مستمر لدعم قواعد البنوك الرأسمالية باعتبار أن كفاية رأس المال تمثل إحدى أركان اتفاقية بازل II، فقد عمل البنك المركزي على إلزام البنوك في نهاية ديسمبر 2004م بالرفع التدريجي للحد الأدنى لرأس المال المطلوب ضمن برنامج زمني مدته خمس سنوات أي بنهاية عام 2009م بحيث يتم رفع الحد الأدنى المطلوب سنوياً بمعدل 20% ليصل الحد الأدنى المطلوب من كل بنك كرأسمال مخصص للعمل في اليمن إلى ستة مليارات ريال، ونحن على مشارف نهاية عام 2007م يتضح بأن البنوك اليمنية تتسابق لزيادة رأسمالها فقد وصل بعضها إلى ما يقارب الحد المحدد بستة مليارات ريال، والبعض وصل إلى أكثر من ذلك بكثير.

أما الناحية القانونية فقد واصل البنك المركزي في تطوير منظومته القانونية للتواكب مع المتطلبات الجديدة، فأصدر قانون البنك المركزي اليمني رقم (14) لسنة 2000م الذي منح البنك المركزي اليمني بموجبه الاستقلالية التامة، ونظم علاقته مع الحكومة، ومنحه التخويل الكامل لرسم وتنفيذ السياسة النقدية، بهدف تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي من خلال استقرار الأسعار والمحافظة على نظام سعر صرف يتلاءم مع حاجات الاقتصاد والمساعدة في توفير السيولة توجيه الائتمان إلى الاستخدامات الأكثر إنتاجية، والمساعدة على الحفاظ على عمالة كاملة وتوازن داخلي وخارجي، ولمواكبة متطلبات التحديث والتطوير ومقتضيات العولمة والانضمام إلى المنظمات الدولية فقد أصدر البنك المركزي قانون مكافحة غسل الأموال رقم (35) لسنة 2003م وقانون العمليات المصرفية الالكترونية رقم (40) لسنة 2006م، وقانون التأجير التمويلي رقم (11) لسنة 2007م، كما قام البنك المركزي بإعداد قانون مؤسسة ضمان الودائع المصرفية وهو الآن أمام مجلس النواب، ولم يقف البنك المركزي عند هذا الحد فهو يسعى دائماً إلى تحديث منظومته القانونية فقد قدم مشروع تعديل قانون المصارف الإسلامية وهو الآن معروض على مجلس النواب، كما يعد مشروع تعديل لقانون مكافحة غسل الأموال.

ونتيجة لذلك رفعت المؤسسات النقدية الدولية في نهاية عام 2004م تقييمها الائتماني لليمن من (c- ) إلى (B+) استناداً إلى كفاءة القطاع المصرفي اليمني والشروط الائتمانية والحمائية في عملياته المصرفية الدولية والمحلية.

لهذا نقول بأن القطاع المصرفي اليمني استطاع أن يتفاعل مع المتطلبات الدولية ومنها اتفاقيات بازل I و II، الذي يجعله قادر على الخروج من المحلية، وبالأخص باقتراب انظمام اليمن إلى عضوية منظمة التجارة العالمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق