السبت، 26 يونيو 2010

ملامح التغير في الدين الخارجي للجمهورية اليمنية External debt of the Republic of Yemen

تعتبر القروض الخارجية من القضايا الاقتصادية الهامة على الصعيد العالمي وخصوصاً في الدول النامية والفقيرة ومنها الجمهورية اليمنية.

فقد تطورت نظرة العالم ومفاهيم وظروف القروض الخارجية بشكل كبير، فمن جهة كانت القروض في الماضي وحتى قيام الحرب العالمية الثانية من المصادر غير العادية التي لا يجوز للدولة الالتجاء إليها لزيادة إيراداتها إلا في الحالات استثنائية. ولكننا اليوم، نلاحظ أن دولاً كثيرة تعتمد على الاقتراض لتنفيذ مشاريع وخططها التنموية، ولتغطية أي عجز مالي أو نقدي في حساباتها، إلى درجة أن القروض العامة باتت تمول ما يزيد عن 50% من مشاريع التنمية في الدول النامية و دول العالم الثالث، كما أصبحت الدول الصناعية والنامية والاشتراكية على حدٍ سواء تلجأ إلى الاقتراض لتصحيح أي عجز في موازين مدفوعاتها وموازنتها العامة.

كما تنبع أهمية المديونية الخارجية ليس فقط لتأثيرها على وضع الميزانية العامة للحكومة بل كذلك على ميزان المدفوعات، وبذلك فإن وضع والتزامات المديونية الخارجية تأثر على السياسات المالية والنقدية وتمثل عبء عليها.

ولأهمية القروض الخارجية على اقتصاديات الدول النامية ومنها اليمن سوف نركز في هذا المقال على ملامح التغير في الدين الخارجي للفترة من 1990-2008م.

تطور رصيد الدين الخارجي للجمهورية اليمنية فقد قدرت بنهاية عام 1994م مبلغ 8.9 مليار دولار أمريكي ما نستبه 215% من إجمالي الناتج المحلي، ومن هذا المبلغ هناك 8.4 مليار دولار تعتبر مديونية خارجية عامة متوسطة وطويلة الأجل، أما القروض الخارجية المرتبطة بالقروض الاستهلاكية فقد كانت حوالي 322 مليون دولار، في حين كان حوالي 6 مليار دولار بنسبة 67% من القروض الخارجية تعود إلى الاتحاد السوفيتي سابقاً وبقية رصيد المديونية تتوزع على مؤسسة التنمية الدولية والصندوق العربي للأنماء الاقتصادي والاجتماعي واليابان والمملكة العربية السعودية والصين.

أما بالنسبة لخدمة الدين، فقد بلغت التزامات خدمة الدين بما فيها الفائدة على المتأخرات مليار دولار في عام 1991م، لكنه ومع تناقص التزامات السداد، وبالأخص نحو القروض الاستهلاكية، هبطت التزامات خدمة الدين إلى 820 مليون دولار ، ففي عام 1994م بلغت التزامات خدمة الدين إلى صادرات السلع والخدمات نحو 43.3%، مقارنة بأكثر من 50% خلال الأعوام 1991-1993م، وقد ساعد على تناقص هذا المعدل الارتفاع الحاد في متحصلات الصادرات النفطية الحكومية أما مدفوعات خدمة الدين الفعلية في عام 1994م فقد كانت 165 مليون دولار مما يعني أن المعدل الفعلي لخدمة الدين إلى صادرات السلع والخدمات لم يزد عن 7%.

بالرغم من التحسن في قدرة الجمهورية اليمنية على التخفيف من متأخرات السداد للقروض الخارجية المتراكمة عليها، وبالتالي تحسن معدل خدمة دينها الخارجي إلى صادراتها من السلع والخدمات، وكما هو مبين أعلاه، إلا أن التوقف المتزايد لالتزامات خدمة الدين المستحقة (الأقساط + الفوائد) والذي نشأ أصلاً من الوضع المالي الصعب للجمهورية اليمنية، زائداً فوائد التأخير عن مدد التوقف وهذا أفرز ضعفاً مالياً أكثر تعقيداً وصعوبة.

ولتسوية أوضاع القروض الخارجي التي وصلت إلى وضع صعب، شرعت الجمهورية اليمنية في مارس 1995م بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، ووفقاً لرؤية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على معالجة تفاقم المديونية الخارجية، وكان من أهم بنود برنامج الإصلاح تخفيف الضغوط الشديدة على دينها الخارجي عن طريق المتابعة النشطة للتوصل إلى تسويات مع دائني الجمهورية اليمنية واقتناعهم بالتخفيف من أعباء الدين.

فقد شكل اتفاق حكومة الجمهورية اليمنية مع صندوق النقد الدولي لترتيب استعداد ائتماني في أوائل عام 1996م خطوة أساسية وهامة لعملية إعادة جدول القروض الخارجية Reschedule، وذلك بسبب أن الدائنين عادة ما ترفض إعادة الجدولة ما لم يتمكن البلد الذي يطلب إعادة الجدولة لديونه من الوصول إلى اتفاق مع الصندوق المذكور بشأن إجراء تصحيح اقتصادي ومالي هيكلي لديه، لذا دخلت اليمن بمفاوضات لتخفيض ومعالجة مديونيتها، فقد دخل ملف المديونية اليمنية ثلاث مراحل في نادي باريس Paris Club وكللت جميعها بالنجاح وكان للبنك المركزي اليمني دور كبير فيها.

وكانت النتيجة النهائية لجميع هذه المراحل الذي دخلتها الجمهورية اليمنية وخلال الفترة من 1997-2008م، انخفاض المديونية الخارجية على الجمهورية اليمنية من
حوالي 10 مليار دولار عام 1998م
أي 161% من حجم الناتج المحلي الإجمالي GDP
إلى 5.89 مليار دولار في نهاية عام 2008م أي ما نسبته 25.5% من الناتج الإجمالي المحلي
GDP بما فيها القروض المبرمة خلال الفترة 98-2008م.

جدول رقم (1)

المؤشر

1998

2008

متوسط معدل التغير

رصيد القروض الخارجية Outstanding مليون دولار

10,077

5,737

-4%

القروض الخارجية إلى الناتج المحلي الإجماليExternal Debt / GDP

161.2%

23.3%

-7%

نسبة مدفوعات خدمة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي Date Service/GDP %

1.8%

1.1%

-3%

نسبة الدين العام الخارجي إلى إجمالي الصادرات External Debt / Exports %

670.0%

59.5%

-8%

نسبة خدمة الدين إلى الصادرات

Debt Service/Exports %

7.6%

2.9%

-5%

نسبة القروض الخارجية إلى الاحتياطيات الخارجية External Debt / Reserve %

1044.2%

71.1%

-8%

نصيب الفرد من القروض الخارجية (دولار)

595

239

-5%

نسبة الإيرادات العامة إلى القروض الخارجية

71%

179%

13%

نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات العامة

7.3%

2.7%

-5%

نسبة خدمة الدين إلى إيرادات النفط و الغاز

10%

6.3%

-3%

نسبة خدمة الدين إلى إجمالي النفقات العامة

9%

2.4%

-6%

يتضح من خلال الجدول رقم (1) التغير الكبير التي حصلت لمؤشرات القروض الخارجية بالإيجاب، ويرجع السبب في السياسات والإدارة الرشيدة التي أتخذتها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح، وهذا يتضح أكثر إذا ما قارنا بعض المؤشرات مع بعض الدول العربية المشابهة لحالة اليمن، ولبيانات عام 2007م، وهي:-

جدول رقم (2)

البلد

المؤشر

اليمن

الأردن

تونس

جيبوتي

السودان

لبنان

موريتانيا

الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي

27.5%

46.7%

55.8%

53.6%

54.3%

85.1%

48.1%

خدمة الدين العام الخارجي إلى الصادرات

3.4%

7.4%

13.0%

7.2%

3.0%

24.3%

5.4%

المصدر:- التقرير الاقتصادي العربي الموحد، صندوق النقد العربي، 2008م.

يتضح من خلال الجدول رقم (2) بأن مؤشرات الدين الخارجي لليمن من أفضل المؤشرات سواءً في حجم الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي أو خدمة الدين العام الخارجي إلى الصادرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق