السبت، 26 يونيو 2010

تقييم السياسة المالية للجمهورية اليمنية للفترة من 2000-2008م


عانى الاقتصاد اليمني منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي متغيرات غير متوقعة من خلال عاملين رئيسيين تمثلا في إعادة توحيد شطري اليمن وتحقيق الوحدة اليمنية المباركة في يوم 22 مايو 1990 وما ترتب عليه من دمج نظامين اقتصاديين مختلفين (نظام رأسمالي في الشمال ونظام اشتراك في الجنوب) وما رافق ذلك من أزمات أثرت على مسار التنمية وعطلت السياسات الاقتصادية، كما أثرت حرب الخليج الثانية (90-1991) والتي نتج عنها عودة حوالي 800 ألف مغترب يمني من دول الخليج العربي، وتعليق هذه الدول وغيرها العون الخارجي لليمن. وقد ترتب على ذلك صعوبات اقتصادية جرّت اليمن إلى حافة الهاوية، وتمثلت في تراجع معدلات الأداء الاقتصادي العام وتدني الإنتاجية ومن ثم مستوى المعيشة، وتزايد عجز الموازنة العامة وارتفاع معدلات التضخم وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، فضلاً عن تزايد عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وارتفاع حجم المديونية الخارجية، وتراكم متأخرات أعباء الدين العام الخارجي. وانطلاقاً من هذه الأوضاع كان لا بد من دور للسياسة المالية في توجيه تلك المتغيرات إلى المسارات التي تكفل إنجاز الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ صار للحكومة بموازنتها العامة دور فاعل وقوي في إمكانية تحقيق الاستقرار الاقتصادي وضمان كفاءة فاعلية استخدام الموارد مع تحقيق نمط أفضل لتوزيع الموارد وضمان وصولها إلى الأفراد.

وفيما تسعى الحكومة اليمنية كبقية حكومات البلدان النامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، فإنها تولي السياسة المالية اهتماماً خاصاً كونها تحتل مركز الأهمية من بين السياسات الاقتصادية الأخرى، وإحدى الدعائم الأساسية التي تقوم عليها الإدارة الاقتصادية، وتعد الموازنة العامة للدولة الأداة الأساسية بيد الحكومة في تنفيذ البرامج والخطط الاقتصادية والمالية والاجتماعية للدولة باعتبارها منظومة من الأدوات والسياسات التي تستخدمها الحكومة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع

وسوف أركز في هذه الورقة على تطور الموازنة العامة للدولة للفترة
من 2000-2008م مع ذكر بعض المؤشرات العامة ، وهي:-

جدول رقم (1)

تطور الموازنة العامة للدولة من 2000-2008م

(المبالغ بالمليار ريال)

البيان

2000

2001

2002

2003

2004

2005

2006

*2007

2008**

إجمالي الإيرادات والمنح

603.8

568.4

560.1

672.9

801.2

1121.3

1450.9

1434.0

1525.0

إجمالي الإيرادات

583.8

563.4

532.1

664.5

782.5

1107.6

1449.4

1414.0

1525.0

إيرادات النفط والغاز

430.1

406.2

391.2

480.2

579.1

752.7

1085.2

998.0

889.0

نسبة الإيرادات النفطية إلى إجمالي الإيرادات

74%

72%

74%

72%

74%

68%

75%

71%

58%

الإيرادات غير النفطية

153.7

157.2

140.9

184.3

203.4

354.9

364.2

416.0

636.0

نسبة الإيرادات غير النفطية إلى إجمالي الإيرادات

26%

28%

26%

28%

26%

32%

25%

29%

42%

المنح

20.0

5.0

28.0

8.4

18.7

13.7

1.5

20.0

0.0

إجمالي النفقات وصافي الإقراض

480.5

527.1

609.5

778.3

858.0

1179.3

1418.6

1622.0

1829.0

النفقات الجارية

397.9

406.0

485.0

581.2

618.5

890.7

1119.4

1220.0

1287.0

نسبة النفقات الجارية إلى إجمالي النفقات

83%

77%

80%

75%

72%

76%

79%

75%

70%

النفقات التنموية الرأسمالية

82.6

121.1

124.5

197.1

198.9

225.7

248.1

402.0

542.0

نسبة النفقات الرأسمالية من إجمالي النفقات

17%

23%

20%

25%

23%

19%

17%

25%

30%

صافي الإقراض

40.5

62.9

51.1

العجز/ الفائض

123.3

41.3

-49.4

-105.4

-56.8

-58.0

32.3

-188.0

-304.0

نسبة تغطية الإيرادات النفطية لنفقات التشغيل

108%

100%

81%

83%

94%

85%

97%

82%

69%

* الموازنة العامة للدولة لعام 2007م (تقديري).

** الموازنة العامة للدولة لعام 2008م (تقديري).

المصدر:-

- البنك المركزي اليمني – التقرير السنوي 2006م.

- وزارة التخطيط والتعاون الدولي – التقرير الاقتصادي السنوي 2006م.

- الموقع الالكتروني إذاعة صنعاء – البيان العام للموازنة العامة للدولة لعام 2008م.

يتضح من الجدول أعلاه الآتي:-

في مجال الإيرادات:-

1- ارتفعت الإيرادات العامة للدولة من 583,8 مليار ريال في عام 2000م إلى 1414 مليار ريال في عام 2007م ويتوقع أن تصل إلى 1525 مليار ريال في عام 2008م أي أن الإيرادات العامة حققت متوسط معدل نمو سنوي قدرة 14%.

بلغت مساهمة الإيرادات العامة في الناتج المحلي الإجمالي 38.6% في عام 2006م في حين يتوقع أن تكون 39% في عام 2007م.

2- كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية والتي تمثل إيرادات الضرائب والجمارك وإيرادات الدولة من فائض الأرباح من حوالي 153,7 مليار ريال في عام 2000م إلى 416 مليار ريال في عام 2007م في حين يتوقع أن تصل إلى 636 مليار ريال في عام 2008م أي بمتوسط معدل نمو سنوي قدرة 22%.

كما تبلغ مساهمة الإيرادات النفطية في الناتج المحلي اِلإجمالي 28.9% في عام 2006م في حين يتوقع أن تنخفض هذه النسبة في عام 2007م لتصل إلى 26% نظراً لإنخفاض الكمية المنتجة من النفط .

3- ويرجع السبب في زيادة الإيرادات العامة إلى زيادة الإيرادات النفطية الناجعة عن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والتي نمت بمعدل سنوي متوسط بحوالي 11% والذي أسهم في محافظتها على أهميتها النسبية إلى إجمالي الإيرادات العامة والتي وصلت إلى أقصاها في عام 2006م بنسبة 75% في حين يتوقع أن تبلغ نسبة الإيرادات النفطية إلى إجمالي الإيرادات 58% في عام 2008م، وهي نسبة أقل من الأعوام الماضية سعياً من الحكومة نحو تنويع مصادرها وتفعيل مصادر الضرائب والجمارك، والخروج من المصدر الواحد وهو مصدر النفط والذي يعتبر من المصادر القابلة للتقلبات والتغيرات مما يجعل هامش الأمان ضعيفاً، ويجعل هذا الهيكل (هيكل الموازنة) غير قابل للاستمرار على المدى الطويل، كما يكشف ضعف قاعدة الدخل والتنوع في بنية الاقتصاد اليمني، ويعتبر أيضاً انعكاس لتواضع دور السياسات المالية في تعميق وتنويع مصادر الدخل الوطني.

رسم بياني رقم (1) يوضح حركة تطور الإيرادات العامة للدولة للفترة من 2000-2008م.




في جانب النفقات:-

2- ارتفعت من 480,5 مليار ريال في عام 2000م إلى 1622 مليار ريال في عام 2007م في حين يتوقع أن تبلغ النفقات حوالي 1829 مليار ريال في عام 2008م، وبمتوسط معدل نمو سنوي قدرة 19%، ويرجع السبب في زيادة النفقات العامة إلى زيادة النفقات الجارية فقد زادت من 397,9 مليار ريال في عام 2000م إلى 1220 مليار ريال في عام 2007م ويتوقع أن ترتفع إلى 1287 مليار ريال في عام 2008م، وبمتوسط معدل نمو سنوي قدرة 16.5%، والجدير بالذكر أن النفقات الجارية تمثل نسبة75% من إجمالي النفقات في عام 2007م في حين يتوقع أن تقل إلى 70% في عام 2008م، وهذه الزيادة في النفقات الجارية تعكس توجه الحكومة نحو تحقيق الانتعاش الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار والخروج من دائرة الركود الاقتصادي وتحقيق متطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ إستراتيجية المرتبات والأجور الذي بدأ تنفيذها في عام 2007م. كما زادت أيضاً النفقات الرأسمالية من 82,6 مليار ريال عام 2000م إلى 402 مليار ريال في عام 2007م ويتوقع أن تزيد إلى 542 مليار ريال في عام 2008م وبمتوسط معدل نمو سنوي قدرة 28.6%، والجدير بالذكر بأن النفقات الاستثمارية تمثل 25% من إجمالي النفقات في عام 2007م في حين يتوقع أن تصل إلى 30% في عام 2008م، ويرجع السبب في زيادة الإنفاق الاستثماري (الرأسمالي) إلى استكمال البنية التحتية وعلى الرغم من هذه الزيادة إلا أن الملاحظ أنها أقل من الاحتياجات اللازمة لتطوير البنى التحتية وتحسين مناخ الاستثمار وبما يشجع القطاع الخاص على زيادة استثماراته وتنويعها.

رسم بياني رقم (2) يوضح حركة تطور النفقات العامة للدولة للفترة من 2000-2008م.



- كما يتضح من خلال الجدول رقم (1) ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة من فائض بمبلغ 123مليار في عام 2000م إلى عجز بمبلغ 188 مليار في عام 2007م كما يتوقع أن يصبح العجز بحوالي 304 مليار ريال، وهذا يعكس زيادة العجز بما يزيد من أعباء الحكومة ويجعلها تبحث عن مصادر تمويل مناسبة، ومنها إصدار أذون خزانة باعتبارها وسيلة لها أكثر من استخدام (فائدة) فهي مصدر غير تضخمي لتمويل عجز الموازنة وكذلك أداة من أدوات السياسة النقدية لامتصاص السيولة الفائضة والسيطرة على العرض النقدي لتحقيق الاستقرار النقدي.

- والجدير بالذكر بأن الإيرادات النفطية لا تغطي إلا 82% من نفقات التشغيل في عام 2007م في حين يتوقع أن تغطي فقط 69% من نفقات التشغيل في عام 2008م وهذا يدل على الارتفاع الكبير في نفقات التشغيل وعدم قدرة الإيرادات النفطية باعتبارها أهم مصدر إيرادات للموازنة العامة للدولة، وبما يعكس الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية التي تمثل مصدر غير دائم وخاضع لتقلبات الأسعار العالمية لسعر النفط، وهذا يؤكد الدفعات بأهمية تنويع م صادر الإيرادات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق