الاثنين، 6 ديسمبر 2010

حرب العملات... أسبابها وتداعياتها

ظهر في الفترة الأخيرة مصطلح جديد آلا وهو حرب العملات، وقبل البدء في الحديث عن هذا المصطلح وأبعاده وأطرافه وتأثيراته ... دعونا نتحدث عن العملات نفسها... ما هي العملات؟ ... وكيف وجدت؟ ... وما هي وظائفها؟

تطورت العملات إلى أن وصلت إلى شكلها الحالي...فبدء الإنسان منذ وقت طويل بالاعتماد على نفسه في توفير احتياجاته من السلع والخدمات، ونظراً لتوسع حاجات الإنسان وتنوعها ظهر ما يسمى بالمقايضة (التخصص) ... أي أن يقوم كل فرد بإنتاج المنتجات التي يستطيع إنتاجها بكفاءة ... وأن يقوم بعدها كل فرد باستبدال ما يفيض من إنتاجه بسلع أخرى يحتاجها ويتخصص آخرون في إنتاجها... ومع مرور الزمن ظهرت عيوب كبيرة لهذا النظام ... فكان على كل من يرغب في إتمام عملية التبادل أن يبحث عن ذلك الشخص الذي تتوافق رغباته معه حتى تتم عملية المقايضة... مما يستغرق وقت وجهد كبيرين، بالإضافة إلى صعوبة تجزئة بعض المنتجات... لهذه الصعوبات بدء الإنسان بالبحث عن نظام أو مادة يتم بواسطتها تبادل السلع والخدمات وتقدر بها قيم الأشياء ويسهل التعامل بها... فكانت النقود هي الحل الذي وجدة الإنسان ... فظهرت النقود السلعية أي تحديد سلعة معينة كوسيلة للتبادل مثل الماشية كما حدث في الإغريق... ونظراً للصعوبات التي واجهتها النقود السلعية ظهرت النقود المعدنية كونها أفضل وسيط لإجراء عملية التبادل بينهم من حيث كونها أقوى على البقاء كما يمكن تجزئتها وتشكيلها بالحجم والشكل المطلوبين، لذا فضل الإنسان استخدام الذهب والفضة لأسباب كثيرة من أهمها: القبول العام وسهولة الحمل والنقل وثبات القيمة نسبياً، والمتانة وعدم تأكلها... وقد ظل الإنسان يستخدم الذهب والفضة لفترة طويلة حتى أوائل القرن العشرين... إلى أن ظهرت النقود الورقية كنتيجة لتطور ونمو التجارة وتطور أعمال الصرافة التي ظهرت في تلك الفترة، وكانت أول محاولة لإصدار نقود ورقية في شكلها الحديث هي التي قام بها بنك استكهولم بالسويد سنة 1656م عندما أصدر سندات ورقية تمثل ديناً عليه لحاملها وقابلة للتداول والصرف إلى ذهب بمجرد تقديمها للبنك...

ونظراً لمحدودية كمية الذهب والفضة وتطور ونمو الاقتصاديات وبالأخص بعد الحرب العالمية الأولى وفك الارتباط بين الذهب والدولار الأمريكي ... ولجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى طباعة النقود بدون تغطية واعتمادها على قوة الاقتصاد... وقد لجئت كل الدول إلى نفس الطريقة ... لذا ظهر ما يسمى بسعر الصرف وهو سعر عملة بلد معين مقابل عملة بلد آخر ... وقد استخدم الدول نظم أسعار صرف مختلفة... منها نظام سعر صرف ثابت أي ربط سعر صرف عملة دولة مثل السعودية والإمارات والأردن بالدولار الأمريكي ... في حين تربط دول مثل ليبيا والكويت عملاتها بسلة من العملات... كما تطبق بعض الدول سعر صرف حر أي يتحدد سعر بناءً الطلب والعرض مثله مثل أي سلعة، وهذا ما يطبق في اليمن منذ تطبيق برنامج الإصلاح في مارس 1994م.

وتتمثل أهمية النقود في أنها أفضل وسيط للتبادل ... وتضم الكثير من الوظائف أهمها معيار للمدفوعات المؤجلة ومقياس للقيمة ومستودع للثروة ... إلا أنها لم تقتصر عند ذلك الحد فقد توسعت وظائفها ونظم سعر الصرف المستخدمة فيها لتتحول إلى أحد المحفزات الاقتصادية ... وواحدة من وسائل الحروب الحديثة... والناتجة عن التوسع الكبير في التجارة الخارجية وتداخل الاقتصاديات وظهور الأزمات المالية التي كانت آخرها الأزمة المالية العالمية 2008م التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية و حاولت الخروج منها بكل الطرق والوسائل.

وهنا نستطيع الرجوع إلى مصطلح حرب العملات الذي خرج من رحم صراع الكبار، أي الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين... بين الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي القائم على حرية السوق والاعتماد على القطاع الخاص والتي تعاني من أزمة مالية عصفت بها خلال الثلاث السنوات الماضية وتحاول الخروج منها... والاقتصاد الاشتراكي الصيني الذي ينمو بمعدلات قياسية آثار خوف وفزع اقتصاديات العالم ومنها أمريكا.

فماذا تعني حرب العملات؟ وبتفسير بسيط هي تأثير الدول على قيمة عملاتها بما يحقق مصالحها ويجعل اقتصادها أكثر قدرة على المنافسة، وهذا ما حصل في الفترة الماضية والتي سعت فيها أمريكا أقناع الصين برفع قيمة عملتها اليوان لتعبر عن حجم اقتصادها، فرضت الصين ذلك معتبرة أن ضعف اليوان يساهم في زيادة صادراتها التي غزت العالم وتشكل عصب اقتصادها... فلجأت أمريكا إلى استخدام سلاح الدولار الرخيص الذي أصبح متوفر وبكميات كبيرة وبسعر فائدة رمزية لا يزيد عن نصف الواحد بالمائة، أدى هذا إلى انخفاض سعر صرف الدولار مقابل اليورو والين وغيرها من العملات، الأمر الذي يحقق لأمريكا ميزة تنافسية أخرى وهي تشجيع الصادرات الأمريكية لرخص ثمنها بنظر العالم وتخفيض قيمة المستوردات الخارجية لارتفاع قيمتها بنظر الأمريكيين وخلق فرص عمل وهي بأشد الحاجة إليها.

لذا تبادلت الصين وأمريكا الاتهامات بهز اقتصاديات العالم فكل دولة تسعى لتحقيق مصالحها الاقتصادية بغض النظر عن ما سيصير إليه العالم، والخوف في الانتقال من سلاح العملة الرخيصة إلى سلاح الحماية التجارية، أي فرض تعريفات جمركية مرتفعة على السلع المستوردة مما يؤدي إلى إضعاف التجارة العالمية والتوجه نحو الانعزالية، كما حصل بعد الركود العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.

والجدير بالذكر بأن تداعيات هذه الحرب ليست محصورة فقط على الدول المتحاربة ...وقد وصل إلى جميع الدول بلا استثناء... بل وكل فرد سيتأثر بها ... فكل من يملك عملة أجنبية مثل الدولار ، يورو...الخ، أو يستهلك سلع أو خدمات مستوردة ... فسوف يتأثر بصورة مباشرة وغير مباشرة... وقد يتضح تأثيرها في الأمد القصير والطويل.

فمن التداعيات المباشرة للاقتصاد اليمني ... باعتباره من الاقتصاديات التي تعتمد على النفط بنسبة كبيرة، وكما هو معروف بأن النفط مسعر بالدولار الأمريكي ... وعند انخفاض سعر الدولار انخفضت معه قيمة النفط، بما يؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للإيرادات الحكومية التي تعتمد عليها بنسبة 70% وانخفاض القدرة الشرائية.

وبما أن اليمن من الدول المستوردة، فتستورد ما يزيد عن 55% من احتياجاتها من السلع والخدمات من الخارج، ومن أهم شركائها التجاريين وهم الإمارات العربية المتحدة، الصين، أمريكا، الإتحاد الأوربي، فمن دون شك تأثرت أسعار المستهلك في الداخل... مما أنعكس وينعكس على غلاء الأسعار في مختلف السلع خصوصاً الأغذية والسيارات.

كما امتدت التداعيات إلى الحكومة واحتياطياتها وحتى الأفراد العاديين الذين يدخرون بالدولار، فقد انخفضت ثرواتهم نتيجة انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى.

لذا على العالم إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والنقدية العالمية، ووضع عملة تداول دولية تكون من سلة عملات وتحظى بثقة واحترام كل دول العالم.

حرب العملات... أسبابها وتداعياتها

ظهر في الفترة الأخيرة مصطلح جديد آلا وهو حرب العملات، وقبل البدء في الحديث عن هذا المصطلح وأبعاده وأطرافه وتأثيراته ... دعونا نتحدث عن العملات نفسها... ما هي العملات؟ ... وكيف وجدت؟ ... وما هي وظائفها؟

تطورت العملات إلى أن وصلت إلى شكلها الحالي...فبدء الإنسان منذ وقت طويل بالاعتماد على نفسه في توفير احتياجاته من السلع والخدمات، ونظراً لتوسع حاجات الإنسان وتنوعها ظهر ما يسمى بالمقايضة (التخصص) ... أي أن يقوم كل فرد بإنتاج المنتجات التي يستطيع إنتاجها بكفاءة ... وأن يقوم بعدها كل فرد باستبدال ما يفيض من إنتاجه بسلع أخرى يحتاجها ويتخصص آخرون في إنتاجها... ومع مرور الزمن ظهرت عيوب كبيرة لهذا النظام ... فكان على كل من يرغب في إتمام عملية التبادل أن يبحث عن ذلك الشخص الذي تتوافق رغباته معه حتى تتم عملية المقايضة... مما يستغرق وقت وجهد كبيرين، بالإضافة إلى صعوبة تجزئة بعض المنتجات... لهذه الصعوبات بدء الإنسان بالبحث عن نظام أو مادة يتم بواسطتها تبادل السلع والخدمات وتقدر بها قيم الأشياء ويسهل التعامل بها... فكانت النقود هي الحل الذي وجدة الإنسان ... فظهرت النقود السلعية أي تحديد سلعة معينة كوسيلة للتبادل مثل الماشية كما حدث في الإغريق... ونظراً للصعوبات التي واجهتها النقود السلعية ظهرت النقود المعدنية كونها أفضل وسيط لإجراء عملية التبادل بينهم من حيث كونها أقوى على البقاء كما يمكن تجزئتها وتشكيلها بالحجم والشكل المطلوبين، لذا فضل الإنسان استخدام الذهب والفضة لأسباب كثيرة من أهمها: القبول العام وسهولة الحمل والنقل وثبات القيمة نسبياً، والمتانة وعدم تأكلها... وقد ظل الإنسان يستخدم الذهب والفضة لفترة طويلة حتى أوائل القرن العشرين... إلى أن ظهرت النقود الورقية كنتيجة لتطور ونمو التجارة وتطور أعمال الصرافة التي ظهرت في تلك الفترة، وكانت أول محاولة لإصدار نقود ورقية في شكلها الحديث هي التي قام بها بنك استكهولم بالسويد سنة 1656م عندما أصدر سندات ورقية تمثل ديناً عليه لحاملها وقابلة للتداول والصرف إلى ذهب بمجرد تقديمها للبنك...

ونظراً لمحدودية كمية الذهب والفضة وتطور ونمو الاقتصاديات وبالأخص بعد الحرب العالمية الأولى وفك الارتباط بين الذهب والدولار الأمريكي ... ولجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى طباعة النقود بدون تغطية واعتمادها على قوة الاقتصاد... وقد لجئت كل الدول إلى نفس الطريقة ... لذا ظهر ما يسمى بسعر الصرف وهو سعر عملة بلد معين مقابل عملة بلد آخر ... وقد استخدم الدول نظم أسعار صرف مختلفة... منها نظام سعر صرف ثابت أي ربط سعر صرف عملة دولة مثل السعودية والإمارات والأردن بالدولار الأمريكي ... في حين تربط دول مثل ليبيا والكويت عملاتها بسلة من العملات... كما تطبق بعض الدول سعر صرف حر أي يتحدد سعر بناءً الطلب والعرض مثله مثل أي سلعة، وهذا ما يطبق في اليمن منذ تطبيق برنامج الإصلاح في مارس 1994م.

وتتمثل أهمية النقود في أنها أفضل وسيط للتبادل ... وتضم الكثير من الوظائف أهمها معيار للمدفوعات المؤجلة ومقياس للقيمة ومستودع للثروة ... إلا أنها لم تقتصر عند ذلك الحد فقد توسعت وظائفها ونظم سعر الصرف المستخدمة فيها لتتحول إلى أحد المحفزات الاقتصادية ... وواحدة من وسائل الحروب الحديثة... والناتجة عن التوسع الكبير في التجارة الخارجية وتداخل الاقتصاديات وظهور الأزمات المالية التي كانت آخرها الأزمة المالية العالمية 2008م التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية و حاولت الخروج منها بكل الطرق والوسائل.

وهنا نستطيع الرجوع إلى مصطلح حرب العملات الذي خرج من رحم صراع الكبار، أي الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين... بين الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي القائم على حرية السوق والاعتماد على القطاع الخاص والتي تعاني من أزمة مالية عصفت بها خلال الثلاث السنوات الماضية وتحاول الخروج منها... والاقتصاد الاشتراكي الصيني الذي ينمو بمعدلات قياسية آثار خوف وفزع اقتصاديات العالم ومنها أمريكا.

فماذا تعني حرب العملات؟ وبتفسير بسيط هي تأثير الدول على قيمة عملاتها بما يحقق مصالحها ويجعل اقتصادها أكثر قدرة على المنافسة، وهذا ما حصل في الفترة الماضية والتي سعت فيها أمريكا أقناع الصين برفع قيمة عملتها اليوان لتعبر عن حجم اقتصادها، فرضت الصين ذلك معتبرة أن ضعف اليوان يساهم في زيادة صادراتها التي غزت العالم وتشكل عصب اقتصادها... فلجأت أمريكا إلى استخدام سلاح الدولار الرخيص الذي أصبح متوفر وبكميات كبيرة وبسعر فائدة رمزية لا يزيد عن نصف الواحد بالمائة، أدى هذا إلى انخفاض سعر صرف الدولار مقابل اليورو والين وغيرها من العملات، الأمر الذي يحقق لأمريكا ميزة تنافسية أخرى وهي تشجيع الصادرات الأمريكية لرخص ثمنها بنظر العالم وتخفيض قيمة المستوردات الخارجية لارتفاع قيمتها بنظر الأمريكيين وخلق فرص عمل وهي بأشد الحاجة إليها.

لذا تبادلت الصين وأمريكا الاتهامات بهز اقتصاديات العالم فكل دولة تسعى لتحقيق مصالحها الاقتصادية بغض النظر عن ما سيصير إليه العالم، والخوف في الانتقال من سلاح العملة الرخيصة إلى سلاح الحماية التجارية، أي فرض تعريفات جمركية مرتفعة على السلع المستوردة مما يؤدي إلى إضعاف التجارة العالمية والتوجه نحو الانعزالية، كما حصل بعد الركود العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.

والجدير بالذكر بأن تداعيات هذه الحرب ليست محصورة فقط على الدول المتحاربة ...وقد وصل إلى جميع الدول بلا استثناء... بل وكل فرد سيتأثر بها ... فكل من يملك عملة أجنبية مثل الدولار ، يورو...الخ، أو يستهلك سلع أو خدمات مستوردة ... فسوف يتأثر بصورة مباشرة وغير مباشرة... وقد يتضح تأثيرها في الأمد القصير والطويل.

فمن التداعيات المباشرة للاقتصاد اليمني ... باعتباره من الاقتصاديات التي تعتمد على النفط بنسبة كبيرة، وكما هو معروف بأن النفط مسعر بالدولار الأمريكي ... وعند انخفاض سعر الدولار انخفضت معه قيمة النفط، بما يؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للإيرادات الحكومية التي تعتمد عليها بنسبة 70% وانخفاض القدرة الشرائية.

وبما أن اليمن من الدول المستوردة، فتستورد ما يزيد عن 55% من احتياجاتها من السلع والخدمات من الخارج، ومن أهم شركائها التجاريين وهم الإمارات العربية المتحدة، الصين، أمريكا، الإتحاد الأوربي، فمن دون شك تأثرت أسعار المستهلك في الداخل... مما أنعكس وينعكس على غلاء الأسعار في مختلف السلع خصوصاً الأغذية والسيارات.

كما امتدت التداعيات إلى الحكومة واحتياطياتها وحتى الأفراد العاديين الذين يدخرون بالدولار، فقد انخفضت ثرواتهم نتيجة انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى.

لذا على العالم إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والنقدية العالمية، ووضع عملة تداول دولية تكون من سلة عملات وتحظى بثقة واحترام كل دول العالم.

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

سعر الصرف ... المتهم البريء

كثير من الناس هذه الأيام يتذمرواً ويصيحواً لتغير سعر صرف الريال... اعتقد بأنهم على حق ... فمن أهم متطلبات السوق هي الاستقرار ... واستقرار سعر الصرف على رأسها لأن ما يزد عن 90% مما نجدة في الأسواق هو استيراد... أي تدفع قيمتها بالعملة الأجنبية وعلى رأسها الدولار... فكيف يستطيع المستثمر والتاجر اتخذا قرارات شرائه وبيعه؟ وكيف يستطيع المستهلك اتخاذ قراراته الحالية والمستقبلية؟


والمتأمل للوضع بشكل دقيق سيتضح له بأننا سبب المشكلة وحلها... فتهافت الكثير من الناس على الدولار وشراءه يخلق ضغوط على سعره ويضعف الريال، فلو كلاً أخذ حاجته الأساسية لبقي الكثير منه في السوق واستقر سعره.

وأن ظاهرة الادخار والتداول بالدولار والتي تنامت خلال العقد الماضي وعززتها الكثير من القرارات والتوجهات الحكومية جعلت منها ثقافة يحترفها أبسط الناس.

فالمتابع سعر الصرف خلال الفترة الماضية يتضح له الآتي:-

المرحلة الأولى (1990-1994):- في هذه المرحلة مر سعر الصرف بالكثير من التغيرات ووجود عدة أنظمة للصرف بما خلق اختلال كبير في سوق سعر الصرف وهي:-

- سعر صرف رسمي (21) ريالاً للدولار، تم العمل به من 10 فبراير 1990م واستمر حتى منتصف 1995م.

- سعر الصرف الجمركي (18) ريالاً للدولار.

- سعر صرف (5.5) ريال للدولار، خاص بالدبلوماسيين.

- سعر تشجيعي (25) ريالاً للدولار، تم العمل به من ابريل 1993 واستخدم في احتساب مشتريات البنك المركزي من النقد الأجنبي.

- سعر صرف (85) ريالاً للدولار وهو السعر الذي اقرته لجنة الصرافة في منتصف نوفمبر 1994م، وكان بمثابة سعر تدخل من قبل البنك المركزي.

- سعر صرف في السوق الموازي والذي وصل فيه الريال إلى (120) ريال للدولار نهاية عام 1994م.

وهذه الأسعار المتباينة والمزدوجة خلقت اختلالات كبيرة، ولمواجهتها وكأحد ركائز برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي قام البنك المركزي اليمني في عام 1996م بتحرير سعر الصرف، وبموجبه أصبح سعر الصرف يتحدد بناءً على قوة السوق (الطلب والعرض) مثله مثل أي سعلة.

وهذا الإجراء خفف الضغوط على البنك المركزي، وجعله يراقب ويتدخل في حالة الحاجة بدلاً من مدافع على سعر صرف معين، كما خلق استقرار نسبي لسعر صرف الريال مقابل الدولار خلال الفترة 1997-2009م والذي بلغ متوسط التغير السنوي فيها حوالي 4%، رغم كل الأزمات التي مر بها اليمن خلال تلك الفترة، ويرجع السبب إلى عوامل كثير ومن أهمها الإدارة الجيدة للسياسة النقدية وتراكم الاحتياطيات الخارجية واستخدامها في تحقيق الاستقرار والتدخل في الوقت المناسب.

والجدير بالذكر بأننا لم نعد نسمع من كان يتكلم عن البنك المركزي واحتياطياته التي يجب ضخها في مشاريع والاكتفاء بمبلغ بسيط منها... في اعتقادي لولا تلك الاحتياطيات لكنا نشاهد سيناريوهات أخرى غير مرغوب فيها في سعر صرف الريال خلال الفترة القليلة الماضية.

وما شهده سعر صرف الريال خلال النصف الأول من هذا العام 2010م يرجع في الأساس إلى ضغوط كبيرة من قبل ميزان المدفوعات، والذي حقق عجز خلال الثلاث السنوات الماضية على التوالي، بالإضافة إلى تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة خلال السنوات الماضية ووصف إلى حوالي 10% عام 2009م، وزيادة العرض النقدي بأكثر من زيادة الناتج الإجمالي المحلي الحقيقي، أدى إلى خلق ضغوط تضخمية... كل هذه الضغوط لم تجد متنفس لها إلا سعر الصرف... المتهم البريء.

لا نستطيع أن نقول بأن البنك المركزي ظل مكتوف اليدين خلال الفترة الماضية بل حاول استخدام أدواته سواءً سعر الفائدة أو التدخل في السوق.... فقد قام برفع سعر الفائدة في الفترة الماضية إلى مستوى قياسي لتصل على 20%، وكن هذه الأداة لم تأتي أكلها... وهذا كان متوقع نظراً لعدم مرونة النقود مع سعر الفائدة... وكان يمكن أن تكون هذه الأداة فعالة في اقتصاد وقطاع مصرفي متقدم.

وإذا ما انتقلنا إلى الإدارة الثانية التي استخدمها ويستخدمها البنك المركزي وهي التدخل في سوق سعر الصرف أي بالبيع... والمتابع للبنك المركزي وتدخل في السوق فسيلاحظ بأن تدخله ينمو بشكل كبير فقد تدخل البنك في عام 2000 بمبلغ
197 مليون دولار فقط في حين تدخل في عام 2009م بمبلغ 1914 مليون دولار أي بمتوسط معدل نمو سنوي قدرة 87%، ووفقاً لهذه النتائج نتوقع بأن يتدخل البنك المركزي في العام الجاري 2010م بمبلغ 3579 مليون دولار إذا استمر على نفس السياسة... أي نصف الاحتياطيات الخارجية المعلن عنها بداية عام 2010م تقريباً... والسؤال عنا هل سيستمر البنك المركزي في استخدام هذه السياسة؟

وفي اعتقادي بأن هناك خياران لا ثالث لهما، الأول أن البنك المركزي وحدة قادر على خلق استقرار في سعر الصرف في الأمد القصير ولكن سيكون الثمن باهض... ولكنه لن يستطيع تحقيق استقرار سعر صرف الريال على الأمد المتوسط والطويل إلا بجلوس البنك المركزي ووزارة المالية ووزارة التخطيط ووزارة الصناعة والتجارة والجهات المعنية لوضع برنامج إصلاح جديد... يتم بموجبه تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة وإيجاد آليات لتخفيض عجز ميزان المدفوعات وتخفيض العرض النقدي وزيادة الرقابة على القطاع المصرفي وقطاع الصرافة باعتبارهما النافذة التي تمر عبرها معظم النقد الأجنبي.

الخيار الثاني أن يترك الريال يلقى مصيره إلى أن يستقر ذاتياً وهذا الخيار سوف تكون له عواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة ... يمكن أن يصعب تحملها.

الاثنين، 5 يوليو 2010

Economic Indicators for Planning Purposes (Case study of Yemen)


This is an ABSTRACT of my new book.



Planning is considered among the most important stages towards the achievement of an objective. The planning stage can be a complicated process depending on the time, situation, and circumstances. Achieving effective planning requires considerable efforts and knowledge. Economic indicators are among the knowledge aspects that have to be taken care of in order to achieve such effective planning.

Economic indicators play an important role in forecasts. Forecasting is a way to expect future opportunities and risks. Formulating plans that takes care of future expectations can ensure goal attainments through proper planning.

Effective planning requires information input. Among the most important information that can be imputed into an effective plan would be the various economic indicators. Economic indicators are the basis for most economic, financial, and governmental reports. Economic indicators form the variables that explain future economic trends and development patterns that can explain the future.

Economic indicators can be used in several aspects. For example, government agencies, companies, researchers, and individuals may understand the effects of economic indicators on their present and future economic situations.

This book aims to introduce readers to the different economic indicators. It will also assist readers on how to use these indicators for planning purposes. This will help formulating better plans that are based on economic indicators. Such plans will be more effective. The book provides an easy to understand content that the regular readers can understand and interpret easily.

The book contains four chapters. First, it illustrates planning concepts and indicators. Second, an illustration of information and their gatherings will be discussed. Third, it includes general concepts on economic indicators with detailed explanations for each indicator along with a case study on the Yemeni economy. The forth chapter will include a discussion on how to use these economic indicators to formulate more effective plans.

Hoping that this book reaches your satisfaction.

Adnan Qatinah

السبت، 26 يونيو 2010

ملامح التغير في الدين الخارجي للجمهورية اليمنية External debt of the Republic of Yemen

تعتبر القروض الخارجية من القضايا الاقتصادية الهامة على الصعيد العالمي وخصوصاً في الدول النامية والفقيرة ومنها الجمهورية اليمنية.

فقد تطورت نظرة العالم ومفاهيم وظروف القروض الخارجية بشكل كبير، فمن جهة كانت القروض في الماضي وحتى قيام الحرب العالمية الثانية من المصادر غير العادية التي لا يجوز للدولة الالتجاء إليها لزيادة إيراداتها إلا في الحالات استثنائية. ولكننا اليوم، نلاحظ أن دولاً كثيرة تعتمد على الاقتراض لتنفيذ مشاريع وخططها التنموية، ولتغطية أي عجز مالي أو نقدي في حساباتها، إلى درجة أن القروض العامة باتت تمول ما يزيد عن 50% من مشاريع التنمية في الدول النامية و دول العالم الثالث، كما أصبحت الدول الصناعية والنامية والاشتراكية على حدٍ سواء تلجأ إلى الاقتراض لتصحيح أي عجز في موازين مدفوعاتها وموازنتها العامة.

كما تنبع أهمية المديونية الخارجية ليس فقط لتأثيرها على وضع الميزانية العامة للحكومة بل كذلك على ميزان المدفوعات، وبذلك فإن وضع والتزامات المديونية الخارجية تأثر على السياسات المالية والنقدية وتمثل عبء عليها.

ولأهمية القروض الخارجية على اقتصاديات الدول النامية ومنها اليمن سوف نركز في هذا المقال على ملامح التغير في الدين الخارجي للفترة من 1990-2008م.

تطور رصيد الدين الخارجي للجمهورية اليمنية فقد قدرت بنهاية عام 1994م مبلغ 8.9 مليار دولار أمريكي ما نستبه 215% من إجمالي الناتج المحلي، ومن هذا المبلغ هناك 8.4 مليار دولار تعتبر مديونية خارجية عامة متوسطة وطويلة الأجل، أما القروض الخارجية المرتبطة بالقروض الاستهلاكية فقد كانت حوالي 322 مليون دولار، في حين كان حوالي 6 مليار دولار بنسبة 67% من القروض الخارجية تعود إلى الاتحاد السوفيتي سابقاً وبقية رصيد المديونية تتوزع على مؤسسة التنمية الدولية والصندوق العربي للأنماء الاقتصادي والاجتماعي واليابان والمملكة العربية السعودية والصين.

أما بالنسبة لخدمة الدين، فقد بلغت التزامات خدمة الدين بما فيها الفائدة على المتأخرات مليار دولار في عام 1991م، لكنه ومع تناقص التزامات السداد، وبالأخص نحو القروض الاستهلاكية، هبطت التزامات خدمة الدين إلى 820 مليون دولار ، ففي عام 1994م بلغت التزامات خدمة الدين إلى صادرات السلع والخدمات نحو 43.3%، مقارنة بأكثر من 50% خلال الأعوام 1991-1993م، وقد ساعد على تناقص هذا المعدل الارتفاع الحاد في متحصلات الصادرات النفطية الحكومية أما مدفوعات خدمة الدين الفعلية في عام 1994م فقد كانت 165 مليون دولار مما يعني أن المعدل الفعلي لخدمة الدين إلى صادرات السلع والخدمات لم يزد عن 7%.

بالرغم من التحسن في قدرة الجمهورية اليمنية على التخفيف من متأخرات السداد للقروض الخارجية المتراكمة عليها، وبالتالي تحسن معدل خدمة دينها الخارجي إلى صادراتها من السلع والخدمات، وكما هو مبين أعلاه، إلا أن التوقف المتزايد لالتزامات خدمة الدين المستحقة (الأقساط + الفوائد) والذي نشأ أصلاً من الوضع المالي الصعب للجمهورية اليمنية، زائداً فوائد التأخير عن مدد التوقف وهذا أفرز ضعفاً مالياً أكثر تعقيداً وصعوبة.

ولتسوية أوضاع القروض الخارجي التي وصلت إلى وضع صعب، شرعت الجمهورية اليمنية في مارس 1995م بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، ووفقاً لرؤية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على معالجة تفاقم المديونية الخارجية، وكان من أهم بنود برنامج الإصلاح تخفيف الضغوط الشديدة على دينها الخارجي عن طريق المتابعة النشطة للتوصل إلى تسويات مع دائني الجمهورية اليمنية واقتناعهم بالتخفيف من أعباء الدين.

فقد شكل اتفاق حكومة الجمهورية اليمنية مع صندوق النقد الدولي لترتيب استعداد ائتماني في أوائل عام 1996م خطوة أساسية وهامة لعملية إعادة جدول القروض الخارجية Reschedule، وذلك بسبب أن الدائنين عادة ما ترفض إعادة الجدولة ما لم يتمكن البلد الذي يطلب إعادة الجدولة لديونه من الوصول إلى اتفاق مع الصندوق المذكور بشأن إجراء تصحيح اقتصادي ومالي هيكلي لديه، لذا دخلت اليمن بمفاوضات لتخفيض ومعالجة مديونيتها، فقد دخل ملف المديونية اليمنية ثلاث مراحل في نادي باريس Paris Club وكللت جميعها بالنجاح وكان للبنك المركزي اليمني دور كبير فيها.

وكانت النتيجة النهائية لجميع هذه المراحل الذي دخلتها الجمهورية اليمنية وخلال الفترة من 1997-2008م، انخفاض المديونية الخارجية على الجمهورية اليمنية من
حوالي 10 مليار دولار عام 1998م
أي 161% من حجم الناتج المحلي الإجمالي GDP
إلى 5.89 مليار دولار في نهاية عام 2008م أي ما نسبته 25.5% من الناتج الإجمالي المحلي
GDP بما فيها القروض المبرمة خلال الفترة 98-2008م.

جدول رقم (1)

المؤشر

1998

2008

متوسط معدل التغير

رصيد القروض الخارجية Outstanding مليون دولار

10,077

5,737

-4%

القروض الخارجية إلى الناتج المحلي الإجماليExternal Debt / GDP

161.2%

23.3%

-7%

نسبة مدفوعات خدمة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي Date Service/GDP %

1.8%

1.1%

-3%

نسبة الدين العام الخارجي إلى إجمالي الصادرات External Debt / Exports %

670.0%

59.5%

-8%

نسبة خدمة الدين إلى الصادرات

Debt Service/Exports %

7.6%

2.9%

-5%

نسبة القروض الخارجية إلى الاحتياطيات الخارجية External Debt / Reserve %

1044.2%

71.1%

-8%

نصيب الفرد من القروض الخارجية (دولار)

595

239

-5%

نسبة الإيرادات العامة إلى القروض الخارجية

71%

179%

13%

نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات العامة

7.3%

2.7%

-5%

نسبة خدمة الدين إلى إيرادات النفط و الغاز

10%

6.3%

-3%

نسبة خدمة الدين إلى إجمالي النفقات العامة

9%

2.4%

-6%

يتضح من خلال الجدول رقم (1) التغير الكبير التي حصلت لمؤشرات القروض الخارجية بالإيجاب، ويرجع السبب في السياسات والإدارة الرشيدة التي أتخذتها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح، وهذا يتضح أكثر إذا ما قارنا بعض المؤشرات مع بعض الدول العربية المشابهة لحالة اليمن، ولبيانات عام 2007م، وهي:-

جدول رقم (2)

البلد

المؤشر

اليمن

الأردن

تونس

جيبوتي

السودان

لبنان

موريتانيا

الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي

27.5%

46.7%

55.8%

53.6%

54.3%

85.1%

48.1%

خدمة الدين العام الخارجي إلى الصادرات

3.4%

7.4%

13.0%

7.2%

3.0%

24.3%

5.4%

المصدر:- التقرير الاقتصادي العربي الموحد، صندوق النقد العربي، 2008م.

يتضح من خلال الجدول رقم (2) بأن مؤشرات الدين الخارجي لليمن من أفضل المؤشرات سواءً في حجم الدين العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي أو خدمة الدين العام الخارجي إلى الصادرات.